من السنن التي سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة في شهر رمضان، صلاة التراويح، التي اتفق أهل العلم على أنها سنّة مؤكدة في هذا الشهر الكريم وشعيرة عظيمة من شعائر الإسلام؛ وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغِّب في قيام رمضان، من غير أن يأمرهم بشكل واضح حتى لا يحسبها الناس فرضاً واجباً، فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه.
والتراويح جمع ترويحة، سُمّيت بذلك لأنهم كانوا أول ما اجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين، وتُعرف كذلك بقيام رمضان.
وفي بعض البلاد الإسلامية تقليد في استراحة بين ركعات القيام وهو تلقّي موعظة وتذكرة على المصلين ليتفقهوا في أمور دينهم وتذكرة من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
أما عن عدد ركعاتها، فلم يثبت في تحديدها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه ثبت من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سُئلت عن كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فقالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً"، ولكن هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم لا يدل على وجوب هذا العدد، فتجوز الزيادة عليه، وإن كانت المحافظة على العدد الذي جاءت به السنة مع التأني والتطويل الذي لا يشق على الناس أفضل وأكمل.
ثم استمر المسلمون بعد ذلك يصلون صلاة التراويح كما صلاها الرسول، وكانوا يصلونها كيفما اتفق لهم، فهذا يصلي بجمع، وذاك يصلي بمفرده، حتى جمعهم عمر بن الخطاب على إمام واحد يصلي بهم التراويح، وكان ذلك أول اجتماع الناس على قارئ واحد في رمضان.
وأما وقتها فيمتد من بعد صلاة العشاء إلى قبيل الفجر، وله أن يوتر في أول الليل أوفي آخره، والأفضل أن يجعله آخر صلاته لقوله عليه الصلاة والسلام اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً، فإن أوتر في أوله ثم تيسّر له القيام آخر الليل، فلا يعيد الوتر مرة أخرى، لقوله صلى الله عليه: لا وتران في ليلة.
لقد حثّ رسول الله وحض على قيام رمضان ورغّب فيه ولم يعزم، لذلك يفضّل المسلمين أن يحيوا سنة نبيّهم وألا يتهاونوا فيها، إضافة لما تضفيه التراويح من راحة على النفس و إجلال لشهر رمضان الكريم.