"نواعم" كانت المؤسّسة الإعلاميّة الرقمية الوحيدة الّتي كان لها السبق في مقابلة السيّدتين الرّائدتين في مجال صناعة العطور. سيّدتان كانتا وراء خلق أكثر العطور تميّزاً في Estee Lauder، أونورين بلان مبتكرة العطر الجديد Amber Mystique الذي سيطلق في الأوّل من مارس، وكارين خوري مطوّرة المنتجات في الشّركة.
كارين خوري تعمل منذ 30 عاماً في الشّركة بعدما عملت لمدّة خمس سنوات في Norda وهي في منصب النّائب الأوّل للرئيس ومسؤولة عن تطوير سبعة من منتجات وماركات العطور الّتي تقع تحت مظلّة مجموعة شركات Estee Lauder. حازت كارين أكبر وأهمّ الفرص في حياتها حين عملت في هذه الشّركة وأنجزت العديد من العطور منها بيوتيفول Beautiful، بليجرز Pleasures، سينشويس Sensuous، وعطر وودي ميستيك Wood Mystique لشركة إستي لودر، بلاك أوركيد Black Orchid.
أمّا أونورين بلان فقد ولدت في لبنان وترعرعت فيه، ولكنّها غادرته في سن السّادسة بسبب الأوضاع السّياسيّة غير المستقرّة. ذهبت إلى فرنسا وبدأت حياتها المستقلّة في باريس. رغبتها في الاستقلاليّة قادتها للقبول بمنصب مصنّع عطور مع بيير بوردون في فراغرانس ريسورسز بعدما درست في مختبرات "فرمينيش" ومعهد إيسيبكا. عام 2005 عادت إلى "فيرمينيش" وانضمّت إلى مركز تطوير العطور الراقية في نيويورك، وهي تصف نفسها من خلال محور حياتها الحالي كأم وزوجة ومصنّعة عطور.
عطر Amber Mystique مستوحى من الإرث الغني وثقافة المنطقة وبناءً على الفهم العميق للمستهلك في الشّرق الأوسط، علماً أنّه موجّه للجنسين ومطوّر خصيصاً للمستهلك في الشّرق. ويعدّ Amber Mystique عطراً مترفاً يناشد مشاعر الرّجال والنّساء على حد سواء، تتضمّن مكوّناته العنبر الدافئ والمتّقد في آن واحد، زهرة الطّائف الّتي يعود أصلها إلى الجبال الغربيّة في المملكة السّعوديّة، وخشب العود الأيقوني في عطور الشّرق الأوسط الذي يضفي رائحة خشبيّة طاغية، إضافة إلى الزّبيب الأسود اللّامع ورحيق التوت والفلفل الوردي.
لقد كنت متأثّرة بحب وحرفيّة تلك السيّدتين في صناعة العطور... لذا اطلعي على المقابلة وستفهمين كيف تديران هذا المجال.
ما الذي يجعل العطر يدوم لفترة أطول؟
كارين: سأبوح لكِ بفلسفتنا الخاصة، بداية يحتاج العطر لعدة أمور أولها توقيع معيّن لكي تستطيعي تمييزه عن أيّ عطر آخر ومعرفته، لذا لا بد لعطورنا من أن تحمل توقيعاً وأن يكون لديها هذه القدرة على سهولة تمييزها وتذكّرها، كما أننا نؤمن بالجودة، فإستي لودر معروفة باستخدامها موادّ ذات جودة عالية، فنحن نصرف الكثير من المال على عطورنا، لأنّه بالنسبة لمدام إستي لودر لا بد من استنشاق الجودة في عطورنا، والأمر الثالث هو ثبات الأداء والجودة، وبهذا أعني أنه لا بد للعطر من أن يدوم وينتشر ويحتفظ بذات الرائحة سواء اشترته من دبي أو من نيويورك.
أونورين، لقد أوضحت أن الموهبة هي الأهم لتكوني صانعة عطور، ولكنك قمت بدراسة الكيمياء والعطور، فهل تحتاجين إلى صفات أو مميزات معينة منذ الطفولة من أجل أن تصبحي صانعة عطور؟
أعتقد أن أهم شيء هو شغفك بهذا المجال إذ ليس من السهل ابتكاره أو تكوينه فهناك العديد من حالات الفشل أو الإحباط في البداية، أما الكيمياء فلم تكن أساسية لأنك تصنعينه من قلبك ومن شغفك، ولكن أيضاً من الأساسيات أن يكون لديك معلم خاص تتطلعين له وتتعلمين منه، فإضافة إلى تمييز العطور عن غيرها، عليك أن تضعيها معاً بطريقة تجعلك مميّزة، وتعطيك طابعك وتوقيعك الخاص.
لأيّ درجة عليك فهم النساء، لأنهنّ من يقرّرن مدى نجاح العطر؟
أونورين: بالنسبة لي هكذا بدأ شغفي في البداية، قد كنت بالطبع مفتونة بكوكو شانيل وكل امرأة رائدة ومتميّزة في هذه الصناعة التي جاءت بما هو جديد، ما يشدني للعطور ليس رائحتها بل الجزء السيكولوجي والتركيبي لهذا العطر، فأرى العطور كأنها تصميم أحب أن أضع بعضها مع بعض، أحب الصيغة والطريقة التي يتكون منها، أتخيّل عطري وأراه بأبعاد مختلفة، وأحب هذا الجزء الإبداعي لأن من السهل وضع المكونات معاً كما لو كنت أطبخ، ولكي تجعلكي هذا الطبق مميزاً وله طابع خاص يأتي دور التميّز.
هل يتطلب منك هذا المجال إخضاع أنفك لنظام معيّن؟
أونورين: لا، لأن ما تريدينه هو تدريب أنفك بالطبع، وأيضاً التحقق من المنافسين ومعرفة السوق مع القدرة على مفاجأته.
عند ابتكار عطر Amber Mystique هل فكرتم بالخليج العربي، خصوصاً أن العود منتشر جداً في المنطقة أم هو ابتكار واستراتيجية عالمية؟
كارين: ابتكار عطري عود ميستيك وأمبر ميستيك كان لهذه المنطقة العربية، فنحن نعترف بأن هناك أجزاءً من العالم من الممكن أن تحبه، فمثلاً سنقدّمه في بعض المحالّ في لندن التي تزورها المرأة العربية، ولكن نحن نؤمن بأنه عند ابتكار العطور تحدّد لأيّ منطقة من العالم، لأننا نضع فيه بعض المكوّنات الموجودة من هذه البقعة والّتي تكون قريبة إلى شعبها.
أونورين: لقد عملنا على هذا العطر لمدة ثلاث سنوات. العطور رحلة نضيف عليها أجزاءً، وعندما ذهبنا إلى الكويت كنا قد أكملنا حوالى 80% من العطر وهناك اكتشفنا Tiffe Rose.
كارين: بالنسبة لي السفر ينمّي الوحي، فنذ سبع سنوات تقريباً كنت في إجازة في المغرب، وفي سوق البهارات وجدت الزعفر الطازج وهو ما لا نراه كثيراً في الولايات المتحدة وعندما يصلنا يكون ناشفاً ومطحوناً، ولكن رائحته أذهلتني فقمت فاشتريته وهرّبته بحقائبي لأنه لا يجوز إخراجه من البلد، واستخدمته في عطر لدونا كارين اسمه بلاك كاشمير.
أمبر ميستيك أعتقد أنه من أكثر العطور إثارة التي عرفتها، كما أنه يحتوي على فانيلا وزيت بخور co2، استخدمناه بطريقة جديدة وعصرية، فهنا المزيج بين خشب الصندل والعود مهم جداً لأنه يعطي حساً رجولياً للرجل.
وعند عملنا مع الفريق بدأنا نستوعب مفهوم الرفاهية في المنطقة وأنه يختلف من منطقة إلى أخرى، فركّزنا على تصميم الزجاجة واستخدمنا الذهب ومنحناها طابعاً شخصياً كما لو أنها موقعة.
عادة في الفن الاختلاف هو ما يعطي أيّ عمل جماله ويظهر روعته. العطر الماضي كان جيداً جداً لدرجة شديدة الكمال، فأردنا أن نبتكر ما هو رائع لأن هناك اختلافاً بين ما هو جيد ورائع، ومديرنا العام ابن مدام استي لودر لديه هذا الحس والاهتمام الفائق بالتفاصيل. وهذا الاختلاف هو الذي يؤدي للكمال، فكما كانت مدام لودر تقول: "هذا زبوني، وهذا اسمي"، فهناك التزام من ناحيتنا بأن المراة التي تشتري عطرنا لا بد أن تشعر بسعادة ونحن مدينون لها بعطر رائع.
بعد العمل على العديد من العطور، ما هو العطر الذي تضعينه؟
كارين: بطبيعة عملي أختبر دائماً عطوراً جديدة، فكل صباح أصحو باكراً أستحم ثم أضع اثنين إلى ستة عطور مختلفة على ذراعي، وفي الوقت الذي أصل فيه إلى المكتب أكون قد كوّنت فكرة عمّا يُمزج من هذه العطور، ولكن في فترة الإجازة أضع sPleasure الذي وضعته أوّل مرة قابلت فيها زوجي وله ذكرى رومانسية لديّ، كما أضع "كاليبس" وهو غير متوفر هنا في المنطقة العربية وهو نادر جداً.
أونورين: من أجل أن تفهمي العطر الذي تعملين عليه لا بد أن تضعيه، فليست فقط رائحة العطر هي الأساس ولكن تطوّره مع الوقت، أحياناً بعد مرور فترة من وضع العطر تتغير رائحته أو تجدين فجوة أو خطأ، فبعد ست ساعات سترين التطوّر. ولكن هناك بعض العطور التي أحبها جداً، وكل عطر أبتكره لديّ قصة معه فأنا أضع جزءاً من نفسي في كل عطر أصنعه.
أونورين، ما العطور التي تتذكرينها من طفولتك في لبنان؟
أتذكر أننا كنا نضع زهرة الغاردينيا على الشّرفة وكنا نضع فيها القليل من القهوة لتنمو، وأيضاً كان لدينا الياسمين وكنا نطلق عليه "الفل"، وعندما سافرت إلى نيويورك كنت دائماً أبحث عنه ولكن لم يفهمني الناس هناك، حتى وجدته مرة فقالوا لي هذا ياسمين وليس الفل، واكتشفت لاحقاً أنها خليط بين الياسمين ووردة البرتقال.
ما هي خططكم الجديدة والعطور التي تحضرون لها، فهل هناك شيء للمنطقة هنا؟
نعم نحن نعمل على بعض الأفكار الجديدة للمنطقة هنا. الحياة هنا ملهمة جداً، هناك الكثير من الأفكار التي قيلت خلال الاجتماعات وسنستخدمها مستقبلاً في الكثير من العطور، وستظل هذه المنطقة مهمة جداً بالنسبة لنا. كما سنعمل على عطور عالميّة جديدة لإيستي لودر.