توجهت الأنظار في أسبوع باريس للهوت كوتور إلى مجموعة المصمم اللبناني زهير مراد Zuhair Murad  الذي عوّدنا على إبداعات مترفة فاخرة تضم سحرًا وجاذبية أنثويّة لا مثيل لها مستوحاة من عوالم خيالية حالمة ولحظات رومانسية ومصادر إلهام تاريخية من الحضارة الفينيقة وغيرها. ليقدم زهير مراد في مجموعته للأزياء الراقية خريف وشتاء 2024 – 2025 صورة جديدة مختلفة كليًا عما شاهدناه من قبل، إذ يخاطر زهير مراد ويغوص في أعماق الاضطرابات الداخلية للنفس والجروح التي تحملها المرأة ويتخيلها امرأة محاربة تحمل مشاعر من الغضب والألم.

ترجمة فكرة المتنفس للعذاب الداخلي أو غيرها من مصادر الإلهام النفسية التي تستند إلى الشعور فقط دون وجود مصادر ماديّة للإلهام من التحديات الصعبة على مصمم الأزياء، لكنها لا تصعب على زهير مراد الذي برع في إيصال رسالته من خلال مجموعة تحافظ على الأنثوية والرقي لتليق بالنجمات على السجادة الحمراء.

بطلة زهير مراد تسعى للبحث عن متنفس للألم الداخلي الذي تعيشه فترجم هذا من خلال شظايا الزجاج الملونة المتلألئة في زخارف تزيّن الفساتين بتقاطعات عشوائية وتصبح بمثابة صرخة للمساعدة، كما تحاكي شظايا المرايا المكسورة نتيجة الغضب. ويستكمل هذا النهج الدرامي بفستان أحمر ساتان ينسدل في قصة مستقيمة وذيل مع فراغ في المنتصف تحيط به تطريزات في محاكاة لطلقة الرصاص التي تخترق الصدر يتخيلها زهير مراد كامرأة "لم يكن لديها أسلحة" لكن من الواضح أن شخصًا ما فعل ذلك، وتحاكي تطريزات اللؤلؤ الدموع المنهمرة تغطي الفساتين والبدلة.

مع كل هذا الألم تقف امرأة زهير مراد شامخة وقوية، وهذا يتجلى في تصاميم ملكيّة تمنحنا الشعور بالهيبة والفخامة مثل الفستان المخملي بالكتف البارز مع فتحة صدر أمامية وأكمام طويلة يزدان بتطريزات بارزة، فستان جيرسيه وردي طوبي يزدان بتموّجات مطرزة مع أكتاف بارزة وطيات الدرابيه، فستان أرجواني بأكمام كاب يزدان بأكمله من ميلة واحدة بترصيعات كريستالية تغطّي الفتحة الطويلة وتبدو مثل غرز (قطب) الجراحة، مجموعة من فساتين الساتان والتفتا المطرزة ذات القصّات الأنثوية مثل الفستان الأسود مع كورسيه مزخرف وذيل مبطّن باللون الكريمي، وفساتين حريرية مزخرفة بتطريزات مفرغة بارزة جميعها لا تخلو من بصمة درامية أنيقة.

يقول زهير مراد في الكواليس حول مجموعته  "هذا التصميم ليس في الواقع فستان الأميرة على الإطلاق، فهو أكثر تنظيماً وقوة وأكثر حداثة وجاذبية، لدينا تاريخ ضخم من آلاف مصممي الأزياء، وقد قدّموا لنا موسوعة من التقنيات، وما نقوم به الآن هو تطوير هذا الأمر بطريقة حديثة لتتوافق مع عالمنا" لذلك ابتعدت المجموعة عن الرومانسية المرهفة وعوضًا عنها جاءت التصاميم بصور ظليّة أكثر حدّة ذات قصات قوية، تنسدل في خطوط مستقيمة مع لوحة ألوان تضم الأسود والفضي، ومضات حمراء، أرجوانية ووردية.