جديد الشاعرة ميّ كتبي.. بالحب أكون أو لا أكون

by Nawa3em 11 Years Ago 👁 6150

أطل كاظم الساهر بصوته الساحر وإحساسه الآسر وغنى...
وين أكون
إن ما كنت بحضنك إنت وين أكون
بين إيدك على صدرك.. ولا شعرك والعيون
وين أكون..
من السبت للسبت أريدك
أنا مو بس أحبك.. أنا لآخر نفس بي أبقى أحبك وبجنون
وين أكون..
أخدي قلبي.. فدا عمرك
قلادة خليه على صدرك
سوارة أو خاتم بصبعك.. وين ما تحبي يكون
وين أكون...
أنا طفلك أنا رجلك.. أنا بعضك أنا كلك
غير حضنك ما إلي بهل الدني دار
أنا بالحب.. أكون أو لا أكون...
.........................
"أنا طفلك.. أنا رجلك.. أنا بعضك.. أنا كلك" الرجل الذي يشعر بطفولته ورجولته فهو رجل عشق بصدق نادر لأنه وجد امرأة صبرت على كل تقلباته وامتصّت مخاوفه وحاربت دوّامات الصمت التي قد يلجأ إليها عندما يهاب سطوة عشقه لها، فالرجل يخاف المرأة التي تقلب عواطفه رأسًا على عقب، فهي تخرجه من دائرة راحته، تقلقه، تبثّ الهواجس في عقله وقلبه.. يحاول الهرب من حبّه ليضلل مشاعره تجاه المحبوبة لأنها، ظنًا منه، سلبته حريته. يتعرّف إلى أخريات أقل منها جمالًا، دلالًا وذكاءً ليشعر بسيادته، ويترك معشوقته في دوامة أشواقها وكبريائها وتساؤلاتها، وقد يشوّهها في خياله ليجد لنفسه مبررًا لابتعاده عنها، ثم تتغلب عليه مشاعره وتنتصر لنفسها، لأن المحبوبة تكون قد تربّعت على عرش كيانه... يظن الرجل أن المرأة التي عشقته ستظل جالسة على مقعد الانتظار الذي صنعه لها من خشب مخاوفه. يصاب الرجل أحيانًا بعمى التوقعات ويعتقد أن تلك المرأة لن تتغيّر، ربما يكون صائبًا لكن هذه مقامرة غالبًا ما يشهر الرجل إفلاس توقعاته بعدها. وهنا يخسر خسارة لن تعوّضه عنها نساء الكرة الأرضية كلها، لأن محبوبته تكون قد أغلقت باب قلبه عليها من دون أن يشعر، ويقول كما قال الساهر الساحر "وين أكون إن ما كنت بحضنك إنت وين أكون بين إيدك على صدرك.. ولا شعرك والعيون.. وين أكون"، ويبدأ البحث عنها ورحلة كسبها من جديد.

أما إذا جازفت المحبوبة وانتظرت عودته من دوّامته، لأنها آمنت بأنها الوحيدة التي ستجعل من نفسها داره، ولا تقوم المرأة بتلك المجازفة إلا لإدراكها أنه مهما طرق باب قلبها من عشاق لن تفتح لهم وإذا واربته قليلًا فستغلقه بقوة في وجه أيّ رجل، فما أعطته للحبيب لا يُمنح إلا له، له هو فقط من دون كل الرجال... وقد تصبح شرسة لو اقترب منها أحد، وقد تغار على نفسها لأجل عينيه وتحترم غيابه الآثم رغمًا عنها!

لو.. لو.. لو... رضي الحب عنهما وأعادهما، لو.. لو.. لو خلع كل واحد منهما عباءة العناد... فسيرى العاشقان ما لم يتوقعاه من سيد الموقف، الحب، ستتفانى المرأة بتدليل حبيبها وتعزز وسائل كسبه، ستعامله كطفل لن يكبر أبدًا ورجل ولا كل الرجال.

عندما تعشق المرأة بذكاء أنثوي تعتمر أفكار حبيبها قبعة لها، وبحنكتها تكون كما يتمنّاها وكما تتمنى هي نفسها، من دون أن تتخلى عن كينونتها، فالعاشقة الذكية ستجعله يعاملها كملكة لتشعر بدفء الأمان الذي يدغدغ مشاعرها وهو بقربها، ليحميها ويشعرها بقوة رجولته وضعفها الأنثوي تجاهه من دون تسلط، بل ضعف محبّب يتناغم مع قوة جميلة. وهنا يدندن العاشق مع الساهر الساحر "وين أكون.. أخذي قلبي.. فدا عمرك.. قلادة خليه على صدرك.. سوارة أو خاتم بصبعك.. وين ما تحبّي يكون.. غير حبك مالي بالهل الدني دار".

صدق الساهر الساحر عندما غنّى بصوته العذب "بالحب.. أكون أو لا أكون"، كلنا بالحب.. نكون أو لا نكون ساحرنا العزيز.

"فبالحب حرك المحرك.. وبالحب تحرك المتحرك.. وسكن الساكن.. بالحب تكلم المتكلم وصمت الصامت". ـ ابن عربي.