مسجد القرويّين أعرق مساجد المغرب

by Nawa3em 10 Years Ago 👁 7681

فاطمة بنت محمد الفهرية القرشيّة هي امرأة مسلمة عربيّة، من ذرّية عقبة بن نافع الفهريّ القرشيّ فاتح تونس ومؤسس مدينة القيروان. وهي شخصيّة تاريخية خالدة في ذاكرة مدينة القيروان في تونس، ومدينة فاس في المغرب، والتاريخ التونسي والمغربي. فهي التي بذلت مالها وحياتها لبناء مسجد القرويين، أحد أعرق مساجد المغرب، الذي ارتبط اسمه باسم جامعة عريقة هي جامعة القرويّين.


من يتأمّل في قصّة بناء هذاالجامع يدرك عظمة الأجر الذي حصلت عليه فاطمة، فإلى الآن يقصد هذا الجامع آلاف المصلّين ويستفيد منه العالم أجمع.

ولقصّة بناء المسجد عبرة، فقد كانت فاطمة تفكّر في أمر إنفاق المال الوفير حتى انتهت إلى العزم على بناء مسجد يكون ذكرًا لها بعد موتها، وصلة ببنيها مع أهل الدنيا، وليظلّ عملها بعد موتها مستمرًّا، عمدت فاطمة إلى مسجد القرويّين فأعادت بناءه في عهد دولة الأدارسة، وضاعفت مساحته بشراء الحقل المحيط به وضمّت أرضه إلى المسجد، وبذلت مالًا جسيمًا برغبة صادقة، حتى اكتمل بناؤه في صورة بهيّة وحلية رصينة. وتذكر المراجع التاريخية أنّ فاطمة الفهرية هي التي تطوّعت ببنائه وظلّت صائمة ونذرت ألّا تفطر يومًا حتى ينتهي العمل فيه. ومن بين ما ترويه كتب التاريخ عن فاطمة أنّها عقدت العزم على ألّا تأخذ ترابًا أو موادّ بناء من غير الأرض التي اشترتها بحرّ مالها، وطلبت من عمّال البناء أن يحفروا حتى أعماق الأرض يستخرجون من أعماقها الرّمل الأصفر الجديد والأحجار والجصّ، ليستخدموها في البناء. بدأ الحفر في صحنه لإنشاء بئر من أجل شرب البنّائين ولاستخدامه في أعمال البناء، ثم عمدت بعد ذلك في حفر بناء أساس وجدران المسجد، وأشرفت بنفسها عليها، فجاء المسجد فسيح الأرجاء محكم البناء وكأنّ فاطمة عالمة بأمور البناء وأصول التشييد لما اتّصفت به من مهارة وحذق، فبدا المسجد في أتمّ رونق وأزهى صورة وأجمل حال وزخرف، وكان ذلك أوّل رمضان سنة 245 من الهجرة.

 ولا يزال جامع القرويين إلى جوار جامع الأندلس الذي بنته شقيقتها مريم، يؤدّيان دورًا رائدًا في نشر الإسلام والعلوم في المغرب ثم نحو أوروبا. وأصبح جامع القرويين الشهير أوّل معهد دينيّ وأكبر كلّية عربية في بلاد المغرب الأقصى. وبذلك كانت فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني هي مؤسسة أوّل جامعة في العالم وهي جامعة القرويين. وماتت السّيدة فاطمة نحو 265 ه -878 م...

لا تزال الصّومعة المربّعة الواسعة في المسجد قائمة إلى الآن من يوم توسِعة الأمراء الزناتيين عمّال عبد الرحمن الناصر على المدينة، تعدّ هذه الصومعة أقدم منارة مربّعة في بلاد المغرب العربي.

أجرى المرابطون إضافات على المسجد، فغيّروا من شكل المسجد الذي كان يتّسم بالبساطة في عمارته وزخرفته وبنائه، إلّا أنّهم حافظوا على ملامحه العامّة. كان هناك تفنّن لدى المعماريين في صنع القباب ووضع الأقواس ونقش آيات القرآن والأدعية. أبرز ما تركه المرابطون في المسجد هو المنبر الذي لا يزال قائمًا إلى اليوم. بعد المرابطين، وضع الموحّدون الثريّا الكبرى التي تزين المسجد الفاسيّ إلى اليوم.

لمسجد القرويين سبعة عشر بابًا وجناحان يلتقيان في طرفي الصّحن الذي يتوسّط المسجد. كلّ جناح يحتوي على مكانٍ للوضوء من المرمر، وهو تصميم مشابه لتصميم صحن الأسود في قصر الحمراء في الأندلس.

عرف الجامع المزيد من الاهتمام في مجال المرافق الضرورية، فزيّن بالعديد من الثريّات والساعات الشّمسية والرّملية، وأضيفت للمسجد مقصورة القاضي والمحراب الواسع وخزانة الكتب والمصاحف. طراز الجامع المعماري بشكل عام هو الطّراز المعماريّ الأندلسي.