بحث عن الصدق
الصدق
منذ القدم كان الصدق من الأخلاق الحميدة، حيث أثنى الله على كثير من أنبيائه بالصدق، فقال القرآن عن نبي الله إبراهيم: "واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقًا نبيًا". كما قال الله عن إسماعيل: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا". وقال الله أيضاً عن يوسف: "يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ". كما قال القرآن عن إدريس: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا". وكان الصدق صفة لازمة للرسول، حيث كان قومه ينادونه بالصادق الأمين، ولقد قالت له السيدة خديجة عند نزول الوحي عليه: إنك لَتَصْدُقُ الحديث. وهو ما يوضح أثر الصدق على نفوس الأشخاص والمجتمعات.
تعريف الصدق
يمكن الإستناد للدين الإسلامي في تعريف الصدق، فهو نوعان في القرآن: الصدق في القول؛ وهو مطابقة القول مع الواقع، والنوع الثاني هو صدق الأفعال وهو أن يُطابق فعل الشخص اعتقاده وكلامه، وهو المقصود بقوله تعالى: "إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ".
فوائد الصدق
للصدق فوائد كبيرة فهو يساعد على توضيح الحقائق، وعدم بناء الإنسان لحياته أو أجزاء منها على الخداع، واستغفال الآخر. كما أن الصدق يجعل الإنسان يعيش بسعادة، واطمئنان، وراحة بال، فلا يضطر إلى التمثيل على الآخرين لاعباً دوراً لا يناسبه. كما يعتبر الصدق بوابة الإنسان الأولى للأخلاق الحميدة الأخرى، وعلى رأسها التواضع، وغيرها من الفوائد التي لا تعد ولا تحصى.
أهمية الصدق
بالحديث عن أهمية الصدق فهو مرآة للنفس الصافية والنقيّة الطاهرة، حيث يُعبّر عن نظافة ما بداخل الشخص، وعن جمال قلبه وروحه النقيّة، الخالية من أي شوائب، كما أنّه خُلق إسلامي نبيل وجميل، وإذا اتصف الشخص به على كامل الأوجه، سواء كان بالقصد والفِعل والكلام، فإنّه بذلك يصل إلى الدرجة التي أمر الله تعالى بالسعي لها ونيلها ألا وهي درجة الصديقية، موجًها الخطاب إلى الرسول الكريم، من خلال قوله تعالى: "وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا".
ولعل ما يوضح أهمية الصدق أيضا أن الله وصف بها نفسه جل وعلا، فيقول الله في كتابه الكريم: "وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً"، فلا أحد أصدق منه قولاً، ولأن أصدق الحديث كتاب الله تعالى فقد قال الله في آية أخرى: "وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا". وفي هذا دليل دامغ على سبب كون الصدق أساس العقيدة الإسلامية والجوهر الحقيقي لأخلاقياتها.