التنفس هو الحياة، ولكن ماذا لو أصبح كل نَفَس تحدياً؟

by Dyana Farhat 27 Days Ago 👁 154
في عالمٍ يزدحم بالضغوط اليومية، نادراً ما نتوقف للتفكير في صحة رئتينا، رغم أنها العمود الفقري لقدرتنا على مواصلة الحياة بنشاط. في ظل هذا الواقع، جاءت حملة "لحظات تحبس الأنفاس" كمبادرة استثنائية لرفع الوعي بأمراض الرئة الخلالية، تلك الحالات الصامتة التي لا يدركها كثيرون إلا بعد فوات الأوان.
وفي خطوة مبتكرة لدمج الفن بالتوعية الصحية، اختارت شركة "بوهرنجر إنجلهايم" دبي ميراكل غاردن، الوجهة المعروفة بجمالها الطبيعي، لتسليط الضوء على هشاشة الرئتين من خلال تركيب فني مذهل مصنوع بالكامل من الزهور. كيف نجحت هذه الفكرة في جذب الانتباه إلى قضية صحية معقدة؟ وكيف تسهم هذه الحملة في تغيير نظرة الناس لصحة الرئة؟ هذه الأسئلة وأكثر نناقشها في هذا الحوارمع الدكتور بسام محبوب، رئيس قسم الأمراض الصدرية والحساسية في مستشفى راشد ونائب رئيس جمعية الإمارات لأمراض الصدر: 

السؤال: فلنكن واقعيين، يزور الناس دبي ميراكل غاردن لالتقاط الصور التذكارية، وليس سعياً للمعارف العلمية. كيف حولتم هذه الوجهة لمكان للتوعية بأمراض الرئة؟

في الواقع، مثل هذا الأمر تحدياً حقيقياً بالنسبة لنا، إذ ندرك أن الناس لا يُعيرون صحة رئتيهم ما يكفي من الاهتمام، فما بالك بمرض الرئة الخلالي الذي لعلّهم لم يسمعوا به من قبل. لكننا نعرف بدقة ما يثير فضول أفراد المجتمع، فتقديم أمر استثنائي غير متوقع ولا يمكن تجاهله يُوقد غريزة الاستكشاف لديهم. ومن هذا المنطلق، حرصنا في شركة " بوهرنجر إنجلهايم" على إنشاء تركيب فني لرئتين مصنوع من الزهور. وكان القصد من استخدام الزهور في صنع هذا التركيب الفني الإشارة إلى مدى حساسية الرئتين وحاجتهما الماسّة للعناية برفق كبير. فكما لا ننتبه لفقدان الزهور لرونقها في العادة إلا بعد فوات الأوان، سنجد أن لدى الرئتين ذات الصفات، فلا تظهر أعراض المرض عليهما إلا مع تفاقم الضرر. 

السؤال: إن مصطلح أمراض الرئة الخلالية ليس مألوفاً. ما الذي يعنيه؟

أمراض الرئة الخلالية هي مجموعة تضم أكثر من 200 مرض يتسم العديد منها بطبيعة خاصة تتمثل بالتدهور التدريجي  وتهديد حياة المرضى. وهنا تكمن المشكلة، فمعظم الناس لا ينتبهون للأعراض إلا بعد وصول المرض لمرحلة متقدمة. فمرض الرئة الخلالي يعتبر مرضاً صامتاً مثل النوبة القلبية، حيث يتسلل هذا المرض إلى الرئتين ويسبب الندوب في نسيج الرئة، ويجعل من عملية التنفس أكثر صعوبة. وبحلول الوقت الذي يتم فيه تشخيص إصابة معظم المرضى، تكون وظائف الرئة لديهم قد تضررت بالفعل بشكل كبير. ولهذا السبب فإن الوعي بالمرض وتشخيصه مبكراً أمر بالغ الأهمية.

السؤال: اختتمت الحملة فعالياتها في دبي ميراكل غاردن، لكنها بدأت بأمر أكبر، حملة حملت اسم لحظات تحبس الأنفاس. ماذا كانت الفكرة منها؟ 

اللحظات التي تحبس الأنفاس بالنسبة للأشخاص الأصحاء هي تلك المميزة في حياتهم، مثل مشهد خلاب أو أداء لافت أو لحظة من الرهبة الخالصة. وبالنسبة للمصابين بمرض الرئة الخلالي، تكون كل لحظة تحبس أنفاسهم، لكن لسبب بعيد عن المتعة أو الجمال أو المفاجأة بكل الأشكال، لأن مرضهم بحد ذاته يجعل من عملية تنفسهم أكثر صعوبة. لذلك جاء استخدام لحظات تحبس الأنفاس لتقديم أفضل تعبير ممكن عن معاناة هؤلاء المرضى. وأردنا أن نجعل الناس يفكرون مليّاً: متى كانت آخر مرة سلب فيها شيء ما أنفاسهم؟ والأهم من ذلك، هل كان ذلك للسبب الصحيح؟، في إشارة للتوعية بأهمية تفسير العرض وعدم إساءة فهمه، فلربما يكون إشارة على مسألة أكثر خطورة. 

السؤال: تعملون على إطلاق الحوارات حول هذه الحالة الطبية. هل حانت لحظة صحة الرئة أخيراً؟

لابد أن تكون هذه اللحظة قد حانت. فنحن نُحصي خطواتنا ونراقب دقات قلبنا ونحرص على تحسين نظامنا الغذائي. لكن ماذا عن عافية رئتينا؟ في الحقيقة، لا نفكر بهذا الأمر أبداً ونعتقد دائماً بأن تمتع رئتينا بالصحة والعافية من المسلّمات. لذلك، تستدعي التوعية بمرض الرئة الخلالي على وجه الخصوص بذل جهود مضاعفة، لأن معظم الناس لم يسمعوا بهذا المرض من قبل. وبالتالي إن لم نطلق حوارات ملهمة حول صحة الرئة قبل ظهور الأعراض، سنفقد فرصة وضع البصمة الحقيقة المنشودة. 

السؤال: كيف تتصورون نجاح هذه الحملة؟

بالنسبة لي، أرى نجاحها عندما تتمكن من تشجيع الناس على المشي، ليس فقط لتحسين حالتهم البدنية، بل لاختبار صحتهم يومياً، لأنه لا يمكن تبرير صعوبة التنفس دائماً بقلة اللياقة، إذ قد تكون مؤشراً على أمر خفيّ أكثر خطورة. وعلى الرغم من التطور العلمي في مجال علاج مرض الرئة الخلالي، يبقى التشخيص المبكر أمراً بالغ الأهمية لأن العلاج يكون أكثر فاعلية عندما يتم اكتشاف المرض مبكراً. فلنتخيل، ينتبه الشخص لأعراضه، ويزور الطبيب ويبدأ العلاج. عند القيام بذلك، وبدلاً من التدهور الكبير في صحة الرئتين، نتمكن من إبطاء هذا التدهور وتحسين جودة الحياة بذلك. هذا هو النجاح الذي ننشده بناءً على الوعي والتشخيص المبكر وصولاً لمجتمع أكثر صحة.

السؤال: إذا كان لصحة الرئة شعار، فماذا يجب أن يكون؟

فكر برئتيك. لأن كل نفسٍ يروي قصة.