من كوبا: نواعم تنقل لكِ تفاصيل عرض شانيل كروز التاريخي

by Norah Naji 8 Years Ago 👁 2385

في كل مرة يحملنا فيها كارل لاغرفيلد إلى بلد جديد لعرض مجموعة شانيل كروز، يمكننا دائماً أن نتوقع شيئاً باهراً ومختلفاً، يُظهر فيه كم أن الموضة مرنة، وليست محدودة الأفكار، يمكن أن يطوّعها بإبداعاته لتأتي مناسبة للحدث والمدينة، دون أن يمحو الأثر الأيقوني للعلامة الساحرة وطابعها المميّز، شاهدنا هذا في عرضه في دبي، كما رأيناه في سيول العام الماضي. وهذه المرة، نواعم تواجدت في كوبا، من بين وسائل الإعلام القليلة لتي تم اختيارها لحضور هذا العرض الهام والأسطوري.ووسط حضور بلغ عدده قرابة الـ700 ضيف من المشاهير والشخصيات الاجتماعية الشهيرة.

هذه المرة، غيّر كارل لاغرفيلد تاريخ الموضة، ورسم تاريخاً جديداً بيديه، بعدما اختار كوبا التي ربما لا ينتبه إليها أحد مكاناً للحدث الأهم، البلد الصغير غير المنفتح على العالم، ربما يبدأ بالفعل رحلته نحو النهوض بعد هذا العرض الذي جذب أنظار العالم إليه، خاصة مع زيارة أوباما الأخيرة.

المفاجأة الأولى التي كانت بانتظارنا هناك، هو أن لاغرفيلد لم يعد ديكوراً مخصوصاً للعرض، بل استخدم الشارع والبنايات العتيقة والسيارات الفينتيج الملونة الشهيرة في المدينة الصغيرة التي حملتنا إلى الساحة مع بدء العرض، وهذه الفكرة كانت رائعة، لأن المدينة بدت كأنها معدة سلفاً لمثل هذا النوع من العروض والاحتفاليات، كيف لا، وأمريكا اللاتينية عموماً تشتهر بمهرجاناتها الصاخبة، واستعراضاتها السنوية.
 

ديكور غير تقليدي، وعلاقة أزلية بين المدينة وشانيل

اختار لاغرفيلد ساحة  El Paseo del Prado التي لطالما شهدت الخُطب النارية من الزعيمين فيدل كاسترو وتشي غيفارا، وهي تضمّ أربعة تماثيل مستوحاة من الأسد، وهو من الرموز المفضلة لدى مؤسِّسة العلامة كوكو شانيل، التي كانت أيضاً تدخن السيجار الكوبي، الأمر الذي يراه لاغرفيلد وكأنه علامة لعلاقة ما ربطت بين كوبا وشانيل بشكل أو بآخر.
بعد وصولنا إلى الساحة بالسيارات الملونة العتيقة التي توقفت بعدها متراصّة بشكل أقرب للديكور المجسم الذكي، جلسنا لمتابعة العرض في الهواء الطلق، ومن حولنا، كنا نستطيع رؤية السكان المحليين البسطاء، الذين تراصّوا في شرفات المنازل والشوارع المقابلة لمتابعة الحدث الباهر الذي لم يسبق له مثيل هناك، لنتأكد من أن الموضة لا تعرف طبقة معيّنة، ولا جنسية محددة. وبدوره، حوّل لاغرفيلد الأمر إلى احتفالية ضخمة، انتهت باستعراض باهر مع الموسيقى اللاتينية التي طالما أحبّها كارل من أيام شبابه عندما كان راقص تشا-تشا شهيراً.
 

تشكيلة رائعة وتصاميم غير اعتيادية

 يمكننا أن نقول بكل تأكيد، إن هذه التشكيلة هي واحدة من أجمل تشكيلات كروز التي طرحتها شانيل إلى اليوم، انطلق العرض مع العارضة ستيلا تينانت، وهي من العارضات اللواتي سطع نجمهن في التسعينيات، وعلمنا أنها شكلت مصدر الوحي الأبرز في هذه المجموعة الجديدة، بعدما رأى لاغرفيلد صورة لها في مكاتب شانيل، فأعجبته، ومن إطلالتها استمدّ الكثير من الإلهام لابتكار التصاميم التي جاءت في الوقت نفسه بمثابة تحيّة إلى هذا البلد المُلهم، موطن تشي غيفارا، وفيدل كاسترو، بكل أيقونيتهما لدى الشباب الثائر من حول العالم.
 

أكسسوارات باهرة، وألوان مشرقة

ستيلا افتتحت العرض بسترة سوداء مع بنطلون أبيض واسع و مزيّن بالخطوط وقبّعة من القش، ومن بعدها تتالى مرور العارضات، ومن بينهن 3 عارضات كوبيات، وعارضات لاتينيات من جامايكا وغيرها، إلى جانب عارضات لاغرفيلد المفضلات، مثل ماري كارلا بوسكونو، ليندسي ويكسون، سو جو بارك وغيرهن،  لذلك، بدَون مثاليات مع التصاميم المشرقة بدرجات الأصفر إلى الأحمر والأخضر، أحببنا كثيراً الطبعات المستوحاة من السيارات القديمة، والطبيعة الاستوائية وفاكهة جوز الهند، مع التوبات الضيقة بالطبعات الغرافيكية الملونة مع جمل مثل "كوكوكوبا" و"كوهيبا" كما أحببنا قبّعات القش، والحقائب المبتكرة المستوحاة من علب السيجار الكوبي، مع طابع العشرينيات والخمسينيات العام، الذي كان مشتعلاً بالحماسة والثوارت والتغيير.

لذا غاب البذخ المعتاد في تصاميم شانيل مقابل الاهتمام أكثر بالألوان والتفاصيل المستلهمة من هذه الفترة الهامة، لكن هذا لم يمنعها من أن تكون أنثوية فخمة، مع الكثير من البريق والشك والزخارف، وطبقات الكشكش الناعمة التي زيّنت العديد من الفساتين المتوسطة الطول، مع التنانير من الشيفون المطرّز، والتوبات القطنية الشبابية المزينة بطبعات الأشجار الاستوائية، التي تناغمت كثيراً مع سترات شانيل الأيقونية من التويد، بدرجات ألوان جديدة متداخلة أقرب للروح اللاتينية الحارة.

العديد من المشاهير لم يكتفوا فقط بالحضور والمشاهدة، بل شاركوا في الاستعراض الختامي الراقص، بمشاركة العارضات ولاغرفيلد نفسه، مثل جيزيل بوندشن و تيلدا سوينتون و فانيسا بارادي و جايك غيلينهال، وآخرين، أما ما كان مثيراً بالفعل، فهو اختيار كارل لاغرفيلد ارتداء سترة من سان لوران، وهي من تصميم هادي سليمان لتشكيلة الأزياء الرجالية لربيع 2016، وربما أراد بها توجيه تحيّه له بعد مغادرته الدار العريقة.

هنيئاً لشانيل التي لا طالما أبهرتنا بإبداعاتها، نحن في نواعم  فخورين بحضور هذا العرض الهام والأسطوري، الذي سيخلد في تاريخ الموضة، إلى الآبد، سيتذكر الجميع أن كارل لاغرفيلد هو أول من آتى إلى كوبا ليستعرض تاريخها الغنيّ وشوارعها الجميلة أمام العالم كله، ويفسرها برؤيته الخاصة للموضة، بفساتين وأكسسوارات رائعة من الخيال.

بعد العرض، انتقلنا إلى سهرة خاصة جداً بالسيارات الفينتيج من جديد، لنستمتع بوقت رائع  مع كارل لاغرفيلد في الساحة، وعلى الرغم من ظهور علامات الإرهاق عليه، إلا أنه  أكمل سهرته معنا، وشاركنا في الرقص والمرح، ونحن نتمنى له دوام الصحة والعمر الطويل، ليظل يبهرنا بإبداعاته المبهرة في عالم الموضة، فمثله حقاً لا يعوّض.