لم يحدث يومًا أن شعرت بأنني أستسيغ متابعة برنامج للإعلامية وفاء الكيلاني كما اليوم في برنامجها "الحكم"، ربما لأنني كنت أجدها تؤدي دور المحققة والقاضية والمستفزّة بشكل مبالغ فيه لدرجة كنت أشعر أنها تلعب بأعصاب المشاهد أكثر من أداء دورها المطلوب في إدارة الحلقة وانتزاع الأجوبة من ضيوفها... إلا أن "الحكم" كشف جانبًا آخر من شخصية الكيلاني الإعلامية والإنسانية في الوقت نفسه، إذ إنها تبدو على طبيعتها، ذكية، شفّافة، ومحاورة جريئة ولبقة و"مهضومة"، إذ تستفزّ الضيف بحنكة مغلّفة بابتسامة بريئة، فتجرّه معها إلى أماكن عميقة داخل شخصيته لطالما بقيت غامضة أمام الجمهور لسبب أو لآخر.
أما عن حلقة أمس من برنامج "الحكم" الذي تعرضه محطة MBC، فقد كانت ناجحة بكل المقاييس إذ تمكنت الكيلاني وضيفها النجم محمد هنيدي من انتشالنا، ولو لفترة قصيرة، من شؤون وشجون متاعبنا ومشاكلنا اليومية. فمع انطلاقة الحلقة تحدّث محمد هنيدي عن روح الطفولة الموجودة فيه دائمًا، معيدًا السبب إلى الضحك والترفيه الذي يعيشهما دومًا، فضلًا عن الراحة التي يشعر بها في منزله نتيجة زواجه. وفي الوقت الذي اعتبر فيه الجمهور أن أكثر ما يزعج زوجة هنيدي فيه أنه يخبّئ تحرّكاته عليها، كشف هنيدي عن الحقيقة معترفًا بأنه يستيقظ من النوم وهو "مبوّز"، نافيًا أنه يشخر أثناء النوم أو يخفي ماله عن زوجته، لكنه في المقابل أكد أنه يتحدث وهو نائم.
عن مسيرته الفنية وما الذي تغيّر فيه كشخص منذ بداياته في التمثيل ولغاية فيلمه الأخير الذي يقوم بتصويره حاليًا "أنا جوزك يا سعاد"، تحدث محمد هنيدي باختصار مؤكدًا أن ثمة الكثير من الأمور التي تعيّرت في شخصيته، فبعدما كان يركّز على دوره فقط بات يهتم بتفاصيل الفيلم ككل. أما على الصعيد الإنساني، فقد أصبح أكثر هدوءًا، كما أن التغيير الأبرز بدا واضحًا بعد أن قام بتأسيس عائلة ومن ثم أصبح أبًا لثلاثة أبناء.
أما الجمهور في الاستديو فاعتبر، بنسبة 49%، أن ما تغيّر في هنيدي منذ بداياته أنه بات مشهورًا أكثر من ذي قبل، وقال ممازحًا بالقول: "الطول، طولت ستين سنة"، وأضاف أنه كان ولا يزال "جدع"، ولم يتحوّل إلى مغرور بسبب الشهرة.
وبعد أخذ وردّ، اعترف محمد هنيدي بأن سبب خلوّ أفلامه جميعها من القبلات يعود إلى خجله، فهو بطبيعته خجول، كما أن نوعية الأدوار التي يؤدّيها لا تحتاج إلى وجود قبلات، بالإضافة طبعًا إلى حرصه على مشاعر زوجته التي يحترمها جدًا. وقد جاء رأي الجمهور على السؤال نفسه مطابقًا بنسبة 52%.
وفي المقابل، أشار محمد هنيدي إلى أن أسباب نجاحه تعود إلى خفّة الدم والظل اللذين يتمتع بهما، بالإضافة إلى الكاريزما الموجودة في شخصيته، كما أكد أن للشكل دورًا كبيرًا في نجاح الممثل الكوميدي. ولم ينفِ هنيدي أنه في فترات سابقة كانت للفنان مواصفات معيّنة حتى يكون نجم شباك تذاكر، فيما بات الناس يفضّلون اليوم مشاهدة ممثل يشبه الشارع الذي يعيشون فيه.
وردًّا على سؤال وفاء الكيلاني لضيفها عن موضة إهانة الرئيس في مصر، اعتبر هنيدي أن الرئيس هو كبير البلد ورمز الدولة وبالتالي لا يجوز أن يُهان أبدًا، رافضًا الإفصاح عن رأيه السياسي ومحتفظًا به لنفسه، لكنه أعلن عن أنه سيشارك في الانتخابات المقبلة لأنها مصيرية وتاريخية، وتابع بالقول: "مع احترامي وتقديري للدور الذي يقوم به الأستاذ حمدين صباحي، لكنني سأنتخب السيسي".
وقد تحدث محمد هنيدي عن تأديته لأدوار النساء في عدد كبير من أعماله التي نالت بدورها شهرة كبيرة، مؤكدًا أن شخصية "خالتي نوسة" لاقت استحسان الناس بعدما كانت شخصية مسرحية ونُقلت إلى السينما، معلنًا أن الشخصية التي تركت علامة عند الناس هي السيدة في فيلم "جاءنا البيان الآتي". واستكملت وفاء الحديث عن الدور الأصعب بين التحدث باللهجة الخليجية أو القيام بدور المرأة، فأكد أن الصعوبة نفسها تكمن في الاثنين، إلا أن دور إمرأة يتطلّب الجلوس على مدى ساعتين لزوم المكياج. ولم ينفِ محمد هنيدي اعتماده وضع الشعر المستعار (الباروكة) في أدواره، مشيرًا إلى كونه يضع في الحياة العادية خصلة صغيرة يضيفها إلى شعره وليس (باروكة) كاملة، رافضًا محاولات وفاء الكيلاني لإقناعه بنزعها أمام الجمهور.
وعن تجربته في تقديم البرامج، اعتبر أنها كانت جيدة وأن الجمهور أصيب بالصدمة من إطلالته لأنه ببساطة توقّع أن يكون البرنامج كوميديًا لا جديًا، وأنه على استعداد لتقديم البرامج مجددًا، رافضًا الاعتراف بالمبلغ الذي تقاضاه مقابل البرنامج، وأضاف ممازحًا: "قدّمته للـMBC هدية"!.
حلقة رائعة بامتياز، غلّفتها الطاقة الإيجابية التي سادتها والابتسامات النابعة من القلب، في وقت يتهافت فيه مقدّمو البرامج على انتزاع الدمعة من أعين ضيوفهم على اعتبار أن ذلك يجعلهم يحققون سبقًا ما، بينما في الحقيقة تكمن قمة النجاح في جعل الضيف والجمهور على حدٍ سواء يخرجون من الحلقة وعلى ثغورهم... ابتسامة!