
الحلم سيد الأخلاق، قول مأثور منتشر في بعض الدول العربية وكثيرا ما يتردد في مواقف الغضب لمحاولة درأ الآخرين عن الانسياق وراء مشاعر الغضب والقيام بتصرفات متسرعة وقد تتسم بالعدائية أو قول ما قد يجرح من حولنا أو يهينهم.
ويقصد بالحلم الأناة والتعقل في ردود الفعل في مواقف الغضب، بل وقد يعني أيضا اختيار رد فعل أكثر تسامحا وعفوا. ويتسبب الغضب دوما في تفاقم مختلف المشكلات، ففي نطاق الأسر قد يؤدي الغضب في لحظات إلى وقوع أبغض الحلال. كما أن الكثير من حوادث العنف تكون وليدة لحظة غضب لم يستطع أحد الطرفين السيطرة فيها على غضبه وكظمه.
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في الكثير من آيات كتابه العزيز إلى ضرورة كظم الغيظ والعفو عن الناس، لما لهذه الصفات من إضفاء روح السلام والتسامح بين أفراد المجتمعات.
كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أكثر من حديث له إلى أهمية التحلى بصفات الأناة والحلم والتسامح والعفو عند المقدرة. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاشج عبد القيس: إن فيك خصلتان يحبهما الله، الحلم والاناة". رواه مسلم
وفي هذا الحديث حدد الرسول عليه الصلاة والسلام لأحد أصحابه أهم الصفات التي يحبها الله فيه، واللتان كانتا هما الحلم والأناة، مما يوضح أهمية التحلي بالتروي والهدوء عند مواجهة المواقف التي تثير الغضب والحنق واختيار السيطرة على هذه المشاعر بل ومحاولة إحلال الهدوء والعفو مكانها.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق، ما لا يعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه". رواه مسلم
ويدلنا هذا الحديث عن الرفق واللين من الصفات التي يحبها الله سبحانه وتعالى، فهو رفيق ورحيم بعباده، ويعفو عنهم رغم ذنوبهم الكثيرة وبأسه الشديد، وبالتالي فإن العفو والتسامح من الصفات التي يجب على المسلم أن يتحلى بهما بالإضافة إلى سعيه الدائم للسيطرة على غضبه وعدم الانسياق وراء انفعالاته قولا وفعلا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني. قال: "لا تغضب"، فردد مرارا، قال: "لا تغضب". رواه البخاري.
وفي هذا الموقف سأل رجلا الرسول عليه الصلاة والسلام أن يوصيه، فردد عليه الرسول مرار ألا يغضب، والذي يدلنا على أن الغضب هو من الصفات السيئة التي يجب علينا تقليصها من حياتنا وعدم الاندفاع وراء الغضب والتريث في ردود أفعالنا عند التعرض للحنق أو الغيظ.