الطفل، مهما كانت سنّه، "يعتمد" كتاباً أو أكثر ويكون مفضّلاً بالنسبة إليه، فيطالب أمه أو أباه بقراءة القصة نفسها مراراً وتكراراً. و قد يبدو كأنه لن يملّ منها أبداً. لماذا؟ وفقاً لأحد الخبراء، يطلب الطفل قراءة القصة نفسها من جديد لأنه أولاً يشعر بشيء جميل أثناء قراءة هذا الكتاب، و يريد الشعور بهذا الإحساس من جديد. كما يطلبها مرة أخرى لأنه بحاجة لمشاهدة الكتاب و سماع القصة أكثر من مرة قبل أن يستطيع فهم محتواها بالكامل (كلمات، صور، شخصيات وقصة)، إذ إن معرفة عناصر القصة والقدرة على استباقها هو أمر مشجّع و يمنحه الثقة.
و يؤكد أحد المختصين أيضاً أنه من خلال تكرار القصة نفسها، يشعر الطفل بأنه يتمتع بسيطرة معينة على تكملة القصة وعلى الأحاسيس التي تحييها لديه. و من خلال مراقبة ردود فعل طفلك أثناء قراءة القصة، يمكنك مثلاً أن تلاحظي أنه يختبئ تحت غطائه عندما يعرف أن الغول سيصل في الصفحة التالية، أو يشعر بالسعادة مع اقتراب النهاية السعيدة للقصة. و بما أنّه لا يمتلك قدرة كبيرة على تعميم ما يتعلمه، سيتطلب منه اكتشاف كتاب جديد وقتاً للشعور بأحاسيس جديدة تشدّه.
في كل صباح و كل مساء و ليهدأ أو ليستريح، قد يطالب طفلك بأن تقرئي له الكتب. في بعض الأحيان، بشكل متكرر، و لعدة أيام.
الوقت الصحيح لقراءة كتاب
يطوّر طفلك حركيته الخفيفة من خلال تعلم قلب الصفحات و من خلال التلاعب بها.
يربط الكثير من الأهل موضوع قراءة القصة بجدول النوم عند الطفل ، لأنها بالطبع اللحظة الأكثر هدوءاً، حيث يستطيع الطفل تلقي المعلومات، وحيث تكون قدرة انتباهه أكثر دقة. لهذا السبب، من الضروري أن لا تحصري القراءة ببرنامج الليل و النوم فقط. كل الأوقات و الأماكن مناسبة: عندما يستيقظ، و في وقت راحتك خلال النهار، و في وقت الحمّام، و هو جالس على الأرض في غرفة المعيشة، و على الطاولة في المطبخ أو على مقعد في المتنزه! المهم هو أن تجدي وقتاً ترغبين خلاله أنت و طفلك في إمضاء الوقت معاً. و الأفضل أن لا تقاطعيه و هو يلعب بإحدى ألعابه لتسأليه إن كان يريد أن يستمع لقصة، لأنه لن يكون قادراً على تلقّي محتواها.
يمكنك أن تستفيدي من القصص المصوّرة أيضاً قبل حدث معين، كما قبل رحلة أو عطلة مثلاً. يمكنك أن تشرحي لطفلك ما سيحدث، مثلاً: "سنسير على الطريق، و سننام في غرفة و لكنها ليست منزلنا" أو "نحن نتنزه على الشاطئ". و ستفاجئين بما ستلاحظينه من ضحكات و ردود فعل، و أنه على الرغم من أنه صغير، سيستطيع بناء روابط و يعرف أنك تتحدثين عن الاشياء نفسها التي وردت في الكتاب.
و لا تنسي أن للقصة دوراً هاماً في اكتساب الطفل للمفردات اللغوية السليمة وتصحيح النطق اللغوي فيصبح أكثر تحكماً بمخارج الحروف وأكثر إتقاناً في نطقه للكلمات، وتزداد الحصيلة اللغوية للطفل من خلال كلمات القصة وعبارات اللغة وتعويده النطق السليم، فعندما يكتسب الطفل المفردات اللغوية يتكوّن لديه محصول ويصبح قادراً على تركيب الكلمات والجمل ثم يصبح قادراً على اكتساب مهارات الكلام من قراءة وكتابة ومهارة الاستماع والتحدث، وبذلك يصبح عند الطفل طلاقة لغوي.
كذلك تعرّف القصة الطفل إلى مجتمعه ومقوّمات هذا المجتمع وأهدافه، ولها أثر بالغ في تنمية الجوانب النفسية عند الطفل في هذه المرحلة لما فيها من الحوار والتأمّل في النفس والقدوة الحسنة. فضلاً عن أنها تسهم في ترقيق العواطف والوجدان وتنمية المشاعر والإحساس، وتخفيف التوترات الانفعالية.