يقترب مفهوم التمني من الترجي من حيث وجود شيء ما يرجو الشخص الحصول عليه في وقت محدد، نتيجة لدوافع معينة. لكن يختلف المفهومان من حيث امكانية تحقق ذلك الشيء، نتيجة للسعي الذي يبذله الشخص في سبيل تحقيق ما يريد، فالسعي هنا أساسي وضروري للتفرقة بين الترجي والتمني.
وهناك الكثير من الادوات والاساليب المختلفة بين التمني والترجي، وهذا ما سنتعرف عليه خلال السطور التالية.
الفرق بين التمني والترجي
التمني هو لفظ في اللغة العربية يرتبط بالحصول على شيء محبوب دون أن يدخل فيه الطمع، والتمني يعني السعي للحصول على شيء معين دون القيام بالجهد الكافي لتحقيقه، ومعرفة الشخص أن هذا الشيء صعب الوصول إليه أو تحقيقه، مثلما يتمنى شخص الحصول على جائزة معينة فيسعى لتحقيق ما يتمناه، لكن ليس بالقوة أو الكيفية التي تؤدي الى حدوث الشيء.
وقد يكون التمني للأشياء التي يصعب على الإنسان تحقيقها، مثل الحصول على ثروة وهو يتمتع بحالة مادية جيدة نوعا ما، تمني فوز فريقه المفضل في كرة القدم فهو لا يملك مفاتيح الفوز، تمني أن يتحدث مع فتاة أو شاب معجب أو معجبة به أو بها، دون السعي الجاد لذلك وانتظار الفرصة التي تأتي من تلقاء نفسها.
بينما يأتي تفسير كلمة الترجي، بأنه ترقب حدوث شيء معين والذي لا يتحقق دون السعي الجاد لتحقيقه، مثل الفلاح الذي يتمنى أن يزرع الأرض ولكن مع عدم وجود الترجمة الفعلية لهذا العمل يظل تمنيا، مع الاقدام والسعي لتحقيق ذلك فهو بذلك يترجى أن يزرع أرضا.
افكار لدرس التمني والترجي
فرق علماء اللغة العربية بين التمني والترجي في وجود عامل الكسل بين المفهومين، اذ ان التمني يكون مع الكسل ولا يحاول الشخص بذل أي مجهود في سبيل تحقيقه، أما الترجي فهو طلب الحصول على شيء ما مثل الترقية وبذل المجهود من الشخص حتى يتحقق ما يتمناه، أي العمل بشكل مستمر من أجل ان يثبت للمدراء أنه جدير بتلك الترقية.
وقد أشار الله عز وجل إلى المفهوم المختلف بين التمني والترجي في القصص القرآني حيث قال: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وقال أيضا "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا"، فهذه الآيات توضح الندم الذي يصل به حال الظالم يوم القيامة عندما يندم على ظلمه ويتمنى العودة للحياة حتى يصلح ما أفسده، ولكن هذا لن يحدث فيعتبر تمنيا.
في قوله تعالى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا، في هذه الآية دليل على الترجي، حيث يرجو العبد حدوث شيء من الله تعالى، الذي يمتلك القدرة على تغيير الاشياء، علاوة على أننا في الدعاء يجب أن نستخدم كلمات الرجاء والترجي، ولا يجب أن نستخدم تعبير التمني، اذ ان الله عز وجل يمتلك القدرة على تغيير الاشياء وفقا لمشيئته.
ادوات التمني والترجي
التمني هو طلب أمر لا يُرجى حصوله، إما لكونه مُحالاً أو غير مطموع في نيله، اللفظ الموضوع للتمني (ليت) وهو حرف مشبه بالفعل (حرف ناسخ) ينصب المبتدأ اسماً له ويرفع الخبر خبراً له ومعناه (أتمنى).
وقد يأتي التمني على سبيل المحبة المجردة، وقد تتمنى بـ(لعلّ) وتعطي معنى (ليت) وهي حرف مشبه بالفعل أيضاً، ويخرج حرف الاستفهام (هل) للتمني، وكذلك (لو) حرف الشرط غير الجازم، حرف امتناع لامتناع يخرج للتمني ويكون التمني به صعب المنال .
الترجي هو طلب أمر محبوب ممكن حصوله مرغوب فيه، واللفظ الموضوع للترجي (لعلّ)، ويحصل الترجي أيضاً بأفعال الرجاء (عسى، حرى)، وهي أفعال ناقصة تدخل على المبتدأ والخبر فترفع المبتدأ اسماً لها وتنصب الخبر، ويكون الخبر مصدراً مؤولاً من (أنْ) والفعل المضارع، ليس هذا فقط، بل من أدوات التمني عسى وهو فعل ماض ناقص جامد مبني على الفتح المقدّر.
اسلوب التمني والترجي
يتمثل اسلوب الرجاء في اللغة العربية في انه الرغبة في حدوث شيء، أو الحصول على شيء معين مع العمل والاجتهاد والسعي نحو تحقيقه، وأسلوب الرجاء في اللغة العربية نوع من أنواع الإنشاء غير الطلبي.
بينما أسلوب التمني في اللغة العربية إما يتعلق بأمر مستحيل الحدوث، أو أمر يصعب تحقيقه، بسبب الكسل والخمول والتواكل.
ان الترجي هو للشيء الذي يمكن حدوثه، بينما التمني يكون للشيء الذي لا يمكن حدوثه إلا بصعوبة شديدة ويكاد يكون مستحيلا، ولذلك قد يقال عن الشخص انه دائم التمني ولكن لا يستطيع تحقيق هذا الشيء بسهولة، كما قد يكون التمني لشيء يصعب على الإنسان تحقيقه، ولكن الترجي هو تمني شيء يمكن الحصول عليه وتحقيقه.