عندما ابتكر مارك زوكربرغ فكرة الفايسبوك عام 2004 كموقع تواصل لطلاب جامعة هارفرد التي ينتمي إليها، كان كل ما يفكر فيه هو إيجاد طريقة للتواصل مع الفتاة التي يحبّها، وتقديم حل بسيط وسحري لكل الطلاب الذين يتمنّون التعارف مع أشخاص آخرين، ثم انتشر الفايسبوك بعد ذلك ليشمل جامعات أخرى ثم مدارس ثانوية حتى امتد إلى جميع الولايات المتحدة ومنها إلى العالم، لكن هل نجح مارك في فكرته الأساسية وهي إيجاد طرق تواصل توطد العلاقات الإنسانية؟ أم العكس هو ما حدث؟
فمثلًا مع استيطان مواقع التواصل الاجتماعي على حواسبنا وهواتفنا الذكية لم يعد هناك من داعٍ للتواصل الواقعي الملموس بين الأصدقاء والأقارب، فيكفي أن ترسل رسالة أو تنشر بعض الكلمات على صفحة أيّ صديق ترغب في محادثته، وأصبح من الطبيعي أن تمضي فترات طويلة من دون أن يحدث لقاء فعلي بين الأصدقاء والأقارب إلا في المناسبات والأعياد.
كذلك ظهرت مشاكل جديدة في العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة، فأصبحت المشكلة الأكثر شهرة بل والأولى في تخريب العلاقات العاطفية هى حسابات الفايسبوك الخاصة بكل طرف.
فالرجل يحاسب المرأة الآن على ما تنشره على حسابها الشخصي وعلى من تتواصل معه من الأصدقاء، وبالعكس تغضب السيدات من أزواجهن إذا ما تحدثوا إلى فتيات أخريات على مواقع التواصل حتى وإن كانت محادثات عادية.
ولكن لا يمكن القول إن الشبكات الاجتماعية قد اقتصرت على المشكلات والتباعد المجتمعي، فبالطبع كانت هذه الشبكات جزءًا رئيسيًا من أحداث ضخمة مثل الثورات العربية، وفضح الكثير من الجرائم حول العالم كما كانت طريقة جديدة لمساعدة الآخرين وإنشاء تجمعات للمساهمة في جمعيات خيرية أو منظمات حقوقية.
ما يمكن قوله هو أن كل شيء يأتي بثمن، فإذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي هى المتحكمة في هذا العصر، يجب علينا تحمّل الجوانب السيئة التي قد تنتج منها مع ضرورة إعطاء أنفسنا الفرصة لعودة العلاقات الواقعية مرة أخرى إلى السطح، وإدراك أن الإنسان هو المتحكم الأوحد في هذه الشبكات وليس العكس.